الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القداس الباسيلي/ صلاة الصلح»

لا يوجد ملخص تحرير
سطر ٣٢: سطر ٣٢:


=== مصالحة السماء بالأرض ===
=== مصالحة السماء بالأرض ===
يغسل الكاهن يديه ليبرئ نفسه من الذين يتناولون بدون استحقاق وبدون اعتراف وبغير استعداد. وأيضًا ليُذَكِّر نفسه بوجوب طهارته هو شخصيًا (كما غسل المسيح أرجل تلاميذه قبل تأسيس السر) والكاهن يصلي صلاة الصلح وهو ممسكًا الصليب بيده قائلًا "يا الله العظيم الأبدي.." ثم يمسك باللفافة الختم بين أصابعه ويقول "بمسرتك.."
1- يمسك الكاهن الصليب في يده، لأن الصلح تم بالصليب (عمل المسيح العجيب) الذي به تصالح الله مع الإنسان، أفلا يتصالح الإنسان مع أخيه. ولا يغطي الكاهن يديه بلفافة إشارة لأن الخطية تسببت في عري آدم.
2- حينما يرفع اللفافة أمام وجهه مثنية مثلثة ففي هذا إشارة إلى السيرافيم الذين يغطون وجوههم أمام الله. ورفع لفافة الختم فيه إشارة لرفع الختم عن باب القبر، وأيضًا لرفع ختم عدم المحبة من قلوب المؤمنين (فلقد حدث التصالح)، ليتشبهوا بالسمائيين في محبتهم. والسيد المسيح هو الذي فك الختوم، والقيامة أظهرت قوة المسيح. والكاهن ممثل السيد المسيح يرفع الختم لإعلان مجد المسيح بقيامته مُنتصرًا.
3- بعد أن ينتهي من "بمسرتك.." يرفع الأبروسفارين. ويمسك اللفافة الختم (التي كانت فوق الأبروسفارين بيده الشمال. ويضع اللفافة التي كانت تغطي الصينية في يده اليمين لعمل الرشومات.
4- هذه الصلاة هي صلاة صلح بين الناس، ويقبلون بعضهم بعضًا بعدها، استعدادًا للتناول، فلا يصح التناول والقلب فيه عداوة لأحد. وهي صلاة تشير للصلح الذي حدث بين السمائيين والأرضيين (غريغوري). وأولًا هي صلح بين الله والناس.
5- ورفع الأبروسفارين= رفع الحجر عن باب القبر.
6- بعد رفع الأبروسفارين تنكشف اللفائف بوضعها الذي كانت عليه، إشارة لأن الأكفان التي كانت داخل القبر تركها مخلصنا بعد القيامة في أماكنها، وخرج منها دون أن يتغير وضعها (أنسل المسيح منها). فوجدوها مرتبة بوضعها الذي كانت عليه.
7- يطبق الإبروسفارين ويوضع على المذبح مطبقًا وهو يشير للكفن. فالكفن كان قطعة قماش مطبقة. فالإبروسفارين مع اللفائف يشيروا للأكفان. وتوضع البشارة فوق الأبروسفارين مع صليب رمزًا لاختفاء المسيح كمعلم ليظهر كذبيحة. وتحريك الأكفان بنظام وترتيب له معاني سنراها بعد قليل.
8- اللفافة المثلثة تشير لمنظر الشاروبيم بأجنحته، فإذا كان الشاروبيم يغطون وجوههم احترامًا للجالس على العرش، فالكاهن يعمل مثلهم.
9-  الشماس يبقى رافعًا الصليب علامة تبعيتنا للمسيح، وحملنا لصليبه. فالمسيح قام بعمل كل شيء لخلاصنا، فهل نقبل حمل الصليب لنصير تلاميذًا له فنخلص.
10-  بعد الصلح يضع الكاهن اللفائف على يديه متشبهًا بالشاروبيم.
11-  الأبروسفارين به جلاجل، والشمامسة بعد رفعه يهزونه علامة الزلزلة بعد القيامة.
12- اللفافة الختم التي كانت فوق الأبروسفارين يضعها الكاهن في يده اليسرى. فالختم يشير لعدم المعرفة والله كشف لنا محبته ولم يعد هناك سر (أف 3: 1- 11). لذلك نضع هذه اللفافة على اليد اليسرى (جهة الرفض أي الغموض انتهى).
13- واللفافة التي كانت تغطي الصينية توضع على اليد اليمنى، على أساس أن الذي في الصينية سيتحول إلى جسد، فاللفافة التي فوقه حينما ترفع، فإن هذا يشير لأن السر (سر التجسد) قد انكشف. ولكن مازالت هناك لفافة تغطي الكأس الذي يشير للدم (الحياة) وهذا يحتاج لقوة إضافية لينكشف سر الحياة، وتنفتح العيون كما انفتحت عيني تلميذيّ عمواس. لذلك يصلي الكاهن ليعطي الله هذه المعونة "الرب مع جميعكم" ويرشم الشعب ليعطيه الله نعمة.
14- يوم خميس العهد لا تصلى صلاة الصلح، إعلانًا عن أن الصلح تم بالصليب والصليب كان يوم الجمعة العظيمة.
15- في صلاة يا الله العظيم الأبدي، تنتهي بأن الملائكة يرتلون "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" فيبدأ الكاهن بقوله "بمسرتك يا الله املأ قلوبنا.. فهي صلاة يرددها الكاهن ليملأ الله قلوبنا مسرة وسلامًا كما قالت الملائكة.
16- بعد صلاة الصلح يتم سيامة الكهنة والشمامسة فخدمتهم هي صنع الصلح والسلام بين الناس والله.


=== مصالحتنا مع بعض ===
=== مصالحتنا مع بعض ===
سطر ٣٩: سطر ٧٣:
=== في الكتاب المقدس ===
=== في الكتاب المقدس ===


==== الآيات الكتابية لصلاة الصلح ====
{| class="wikitable"
{| class="wikitable"
|+ مرجعية صلاة الصلح للقداس الباسيلي من الكتاب المقدس
|+ مرجعية صلاة الصلح للقداس الباسيلي من الكتاب المقدس
سطر ١٦٥: سطر ٢٠٠:
لتكثر لكم الرحمة والسلام والمحبة (يه 1: 2).
لتكثر لكم الرحمة والسلام والمحبة (يه 1: 2).
|}
|}
==== اللاهوت الكتابي لصلاة الصلح ====
* صلاة الصلح:
أكد السيد المسيح انه لا فائدة للذبيحة المقدّمة إذا لم تنبع من موقف محبّة وتسامح مع الآخرين “إذا كنت تقدم قربانك إلى المذبح وتذكرت هناك أن لأخيك شيئاً عليك، فاترك قربانك عند المذبح هناك، واذهب أوّلاً وصالح أخيك، ثم تعال وقدم قُربانك” (متى5: 23-24). ومن هذا المنطلق الكتابي المسيحي، وضِعتْ صلاة الصلح قبل كلام التقديس، أي قبل تحوّل الخبز والخمر لجسد ودم الرب. لتؤكد على:
* يا الله العظيم الأبدي
-  عظمة الله وأبديته، متبعة في ذلك صلوات أنبياء العهد القديم التي غالباً ما كانت تبدأ بهذا التأكيد، ونذكر على سبيل المثال صلاة إرميا النبي التي قال فيها: “أيُّها الإلهُ العظيمُ الجبَّارُ، الربُّ القديرُ اسمُهُ. عظيمٌ أنتَ في المشورة، وقديرٌ في العمل” (إرميا32/18ب-19).
* الّذي جبل الإنسان على غير فساد
- الإنسان خُلق على غير فساد، لأن الكتاب المقدس يذكر صراحة أن الإنسان خلق على صورة الله ومثاله، “فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خَلَقَ البشر، ذَكَراً وأُنثى خلقهما” (تكوين1: 26-27) [87]، كما يذكر الكتاب أن الله عندما نظر إلى كلّ ما صنعه “رأى أنّه حسنٌ جداً” (تكوين1: 31).
* الموت الّذي دخل إلى العالم بحسد إبليس هدمته، بالظهور المحيّ الّذي لابنك الوحيد الجنس ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
- هذا الخلق البديع والحسن جداً تشوّه بالخطيئة، التي تمّت بحسد إبليس، وهذه العبارة مذكورة صراحة في سفر الحكمة “خلق الله الإنسان لحياة أبديّة، وصنعه على صورته الخالدة، ولكن بسبب حسد إبليس دخل الموت إلى العالم” (حكمة2: 23-24).
* وملأت الأرض من السلام الّذي من السموات،هذا الّذي أجناد الملائكة يمجدونك به قائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة.
- خطيئة الإنسان لا تعطل محبّة الله، هذه المحبّة التي بظهورها في شخص الابن، يسوع المسيح، هَدمتْ تلك الهُوّة التي كانت بين الله والإنسان، وملأت الأرض من السلام السمائي، الّذي يصفه القديس بولس بأنه سلام يفوق كلّ وصف وكل إدراك، سلام أنشدت به الملائكة “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام والناس المسرة” (لوقا3: 14).
* صلوا من أجل السلام الكامل والمحبّة والقبلة الطاهرة الرسوليّة.
وهنا تأتي دعوّة الشماس للشعب للصلاة من أجل السلام الكامل والمحبّة والقبلة الطاهرة الرسوليّة، لأن سلام الله الّذي أنشدت به الملائكة لا يفرض فرضاً، بل يتطلب من كلّ مؤمن ومن كلّ المؤمنين الصلاة الحارة لكي يكون تقبيل الشعب بعضه لبعض نابعاً من قلب وموقف صادق، وأن تكون القبلة طاهرة ورسوليّة بعيدة كلّ البعد عن قبلة يهوذا التي أسلم بها المسيح (لوقا22: 47). والقديس بولس يدعوا إلى القبلة الطاهرة بقوله: “سلِّموا على بعضٍ بقبلة مقدسة” (1 كورنثوس16: 20) [88].
* بمسرتك يا الله املأ قلوبنا من سلامك، وطهرنا من كلّ دنس ومن كلّ غش ومن كلّ رياء ومن كلّ فعل خبيث ومن تذكار الشّرّ المُلبس الموت، واجعلنا مستحقين يا سيدنا أن نقبل بعضنا بعضاً بقبلة مقدسة.
ثم يكمل الكاهن صلاته بالدعاء لله أن يملئ القلوب من سلامه، ذلك السلام الّذي يطهر من كلّ شّرّ، لأن لا اضطراب مع الإيمان “لا تضطرب قلوبكم انتم تؤمنون بالآب فأمنوا بي” (يوحنا )، بل أن الإيمان الحقيقي هو دعوة للسلام وللفرح [89]. وهو دعاء بشفاعة المسيح، الّذي قال: “الحقَّ الحقَّ أقول لكم: كلّ ما تطلبونه من الآب باسمي تنالونه” (يوحنا16: 23).
* لكي ننال بغير وقوع في الدينونة من موهبتك غير المائته السمائية بالمسيح يسوع ربنا
إن الدينونة تقوم على العلاقة بالآخر، لأنه كما يقول القديس يوحنا: “من قال إنه في النور وهو يكره أخاه، كان حتى الآن في الظلام. ومن أحبّ أخاه ثبت في النور” (1 يوحنا1: 9-10)، وذلك لأن “إذا قال أحد: "أنا أحب الله" وهو يكره أخاه كان كاذباً لأن الّذي لا يحب أخاه وهو يراه، لا يقدر أن يحب الله وهو لا يراه. وصيّة المسيح لنا هي: منْ أحب الله أحب أخاه أيضاً” (1يوحنا4: 20-21) كما يوضح المسيح ذاته أن الدينونة تقوم على الاهتمام بالآخر لا سيما الأكثر احتياجاً (راجع: متى25: 31-46).
* قبلوا بعضكم بعضاً بقبلة مقدسة.
وهنا يدعوا الشماس الشعب إلى القبلة المقدسة، كعلامة على:
# '''المحبّة:''' لأن المسيح قال: “أُعطيكم وصيّة جديدة: أحبوا بعضكم بعضاً. ومثلما أنا أحببتكم أحبوا أنتم بعضكم بعضاً. فإذا أحببتم بعضكم بعضاً، يعرف الناس أنكم تلاميذي” (يوحنا13: 34-35). ومن ثمَّ فالمحبة هي علامة وشهادة للإيمان بالمسيح.
# '''حضور المسيح:''' لقد وعد المسيح بأن يحضر إذا ما اجتمع باسمه اثنين (متى18: 20)، ومن ثمَّ تعبر قبلة المحبة على أن الشعب مجتمع كأخوة، متحد باسم المسيح، الّذي هو مجتمع لملاقاته. ويذكر سفر أعمال الرسل أن المؤمنين كانوا دائما يجتمعون بهذه الروح، “وكانوا يواظبون كلهم على الصلاة بقلب واحد” (1: 14)، “وكان المؤمنون كلهم متحدين... يلتقون كلّ يوم في الهيكل بقلب واحد، ويكسرون الخبز في البيوت، ويتناولون الطعام بفرح وبساطة قلب، ويسبحون الله، وينالون رضى الناس كلهم” (2: 43-47)، وهكذا دعا القديس بولس المؤمنين “اجتهدوا في المحافظة على وحدة الروح برباط السلام، فأنتم جسد واحد وإيمان واحد” (أفسس4: 4-5) [90].
# '''السلام:''' أكد المسيح على أنه سيترك سلامه لتلاميذه، سلام لا يستطيع أحد أن ينزعه منهم، “سلامي أنا أعطيكم، سلامي أنا أترك لكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم” (يوحنا  ).
# '''المصافحة:''' هذه المصالحة التي تتم بفضل يسوع المسيح الّذي صنع صلحاً وسلاماً على الأرض “الله صالحنا بموت ابنه ونحن أعداؤه، فكم بالأولى أن نخلص بحياته ونحن متصالحون... والفضل لربنا يسوع المسيح الّذي به نلنا الآن المصالحة” (رومية5: 10-11).
ومن الجدير بالذكر أن القبلة، وهي علامة المحبّة، تأتي بعد قانون الإيمان، وذلك حتى يقترن الإيمان بالمحبّة كما قال القديس بولس: “إن كان لي الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبّة فلست شيئاً” (1كورنثوس13: 2). فالمحبّة أعظم من الإيمان والرجاء، وهي التي يجب أن تكون الغاية المنشودة (راجع: 1كورنثوس13: 13-14)


=== في أقوال الأباء ===
=== في أقوال الأباء ===